بسم الله الرحمن الرحيــــم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم
أعزائي ... الحلم .. دائما نسمع عن الحلم .. و نعرف أنه من أنبل الصفات و الخصال ,,, لا أريد أن أطيل ,,, و لكن أحببت أن أقدم لكم صورة من صور النبل .. ذاك الخلق الذي تحلى به العرب ,,, هذه قصة للأمير معن بن زائدة مع أعرابي ...
معن بن زائدة : هو معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر الشيباني ــ أبو الوليد ــ من أشهر أجواد العرب , وأحد الشجعان الفصحاء , أدرك العصرين الأموي والعباسي ’ ولي سجستان وأقام فيها مده , قتل غيلة سنة ( 151 هـ ـ 768 م ) .
وهاهي القصة ...
(((.. تذاكر جماعة فيما بينهم أخبار معن بن زائدة وماهو عليه من وفرة الحلم ولين الجانب وأطالوا في ذلك ، فقام أعرابي وآلى على نفسه أن يغضبه ، فقالوا : إن قدرت على إغضابه فلك مائة بعير ، فإنطلق الأعرابي إلى بيته وعمد إلى شاة له فسلخها ثم إرتدى بإهابها جاعلاً باطنه ظاهره ثم دخل على معن بصورته تلك ووقف أمامه طافح العينين كالخليع ، تارة ينظر إلى الأرض وتارة ينظر إلى السماء ، ثم قال :
( أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعلاك من جلد البعير )
قال معن: أذكر ذلك ولا أنساه يا أخا العرب ،
فقال الأعرابي :
( فسبحان الذي أعطاك ملكاً وعلمك الجلوس على السرير )
فقال معن : سبحانه وتعالى
, وقال الأعرابي :
( فلست مُسَلِّماً ماعشتُ حياً على معن بتسليم الأمير )
قال معن : إن سلَّمت رددنا عليك السلام ، وإن تركت فلا ضير عليك
فقال الأعرابي :
( سأرحل عن بلاد أنت فيها ولو جار الزمان على الفقير )
فقال معن : إن أقمت بنا فعلى الرحب والسعة ، وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسلامة
فقال الأعرابي وقد أعياه حلم معن :( فجد لي يابن ناقصة بمال فإني قد عزمت على المسير )
فقال معن : أعطوه ألف دينار
0 فأخذها وقال الأعرابي :
( قليل ما أتيتَ به وإني لأطمع منك بالمال الكثير )
( فثنِّ فقد أتاك الملك عفواً بلا عقل ولا رأي منير )
فقال معن : أعطوه ألفاً ثانياً
0 فتقدم الأعرابي إليه وقبل يديه ورجليه وقال((أي الأعرابي)) :
( سألت الله أن يبقيك ذخراً فما لك في البرية من نظير )
( فمنك الجود والإفضال حقاً وفيض يديك كالبحر الغزير )
فقال معن : أعطيناه على هَجوِنا ألفين ، فأعطوه على مدحنا أربعة آلاف 0
فقال الأعرابي :جُعِلتُ فداك ، ما فعلت ذلك إلا لمائة بعير جُعِلَت على إغضابك 0
فقال معن : لا خوف عليك ، ثم أمر له بمائتي بعير ، نصفها للرهان والنصف الآخر له ، فإنصرف الأعرابي داعياً شاكراً.
)))
وبعد ، إخوتي وأخواتي ، فتلك كانت قصة تعزز المعنى السامي لفضيلة الحلم ، فالحلم هو ضبط النفس عند الغضب ، والصبر على الأذى ، من غير ضعف ولا عجز ابتغاء وجه الله تعالى وتتفاوت قدرات الناس في ضبط النفس ، والصبر على الأذى ، فمنهم من يكون سريع الانفعال ويقابل الأذى دون النظر في العواقب ، ومنهم من يتمالك نفسه ، ويكبح جماح غضبه ، ويتحلى بالصبر والحلم ويتلمس الأعذار والمبررات لمن أساء إليه ، وهذا هو الرجل الحليم.